اتصالات تركية بالنظام السوري وصفقة كبيرة تلوح بالأفق عرّابها “أسياد المخابرات” تحدد مصير إدلب وشرق الفرات
سرّبت مصادر تركية عبر وسائل إعلام أنباء عن اتصالات تركية بالنظام السوري، ولقاء قريب سيعقد بين رئيس المخابرات التركية ونظيره السوري،
في أعلى لقاء بين مسؤولين من البلدين منذ سنوات، ليجري بعدها شد وجذب بين نفي وتأكيد اللقاء المنتظر.
وذكرت صحف تركية وأخرى فرنسية بأنه جرى ترتيب لقاء مرتقب في العاصمة العراقية، بغداد،
بين رئيس جهاز المخابرات التركي، هاكان فيدان، ومدير مكتب “الأمن الوطني” بالنظام السوري، اللواء علي مملوك.
يتزامن ذلك الحديث الذي جرى نفيه من قبل النظام السوري والتعليق عليه دبلوماسياً دون نفي أو تأكيد من وزير الخارجية التركي “جاويش أوغلو”، مع لقاء مرتقب يوم الأربعاء بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان والذي سيتناول الملف السوري، وسط حديث تطورات بالموقف التركي.
وحول ذلك التقت “وكالة ستيب الإخبارية” مع الباحث والمحلل السياسي والعسـ.ـكري، الدكتور صلاح قيراطة، والذي تناول معلومات حول مجريات الأحداث وما ستؤول إليه الأمور
اتصالات تركية بالنظام السوري
يؤكد الدكتور صلاح قيراطة بأن الاتصالات بين تركيا والنظام السوري لم تنقطع وهي كذلك مع باقي دول المحيط والمنطقة بشكلٍ أو آخر.
ويقول: أؤكد وفقاً لمعلومات وقراءة بأن اتصالات النظام السوري مع المحيط العربي
وحتى تركيا لم تنقطع ولا لحظة واحدة على الصعـ.ـيد الأمني، رغم قطع العلاقات الدبلوماسية والسياسية منذ 2011،
إلا أنّ ذلك لم يمنع وجود اتصالات بقضايا أمنية، سواء من خلال أجهزة أمنية ومخابراتية أو عبر وسطاء.
ويضيف: مصادر تحدث لي عن نفي اللقاء بين مدير المخابرات التركية ورئيس مكتب الأمني الوطني في سوريا،
بينما المعلومات المؤكد أن لقاءً جرى فعلياً بين علي مملوك وهاكان فيدان عام 2020،
وبذلك فإن اللقاءات بين الجانبين موجودة ومسألة خروجها إلى العلن هي لمخاطبة الرأي العام وتهيئته لما هو قادم سياسياً وعسـ.ـكرياً.
هل تغير الموقف التركي؟
يجري الحديث عن تغييرات وإعادة تقدير الموقف التركي من العديد من القضايا وخصوصاً مع المحيط العربي، وكذلك فإن الملف السوري قد يتأثر بالتقاربات التركية الجديدة.
يقول الدكتور “صلاح قيراطة”: بعد أن عودنا التركي على مقايضات عدّة، منها شطر حلب مقابل ما أسمي “درع الفرات”،
وأخرى شملت غوطة دمشق مقابل ما أسمي “غصن الزيتون”، فلا نستبعد أن نكون أمام مقايضة جديدة من ذات النوع قريباً، حيث أن تركيا تتحرك من مصالحها كما هو حال روسيا وإيران.
ويضيف: لا اعتقد أن الموقف التركي تغير، ويجب أن نوضح بأن اتفاق أستانا الذي تشارك فيه تركيا وروسيا ليس سوى تطبيق لما يعرف باتفاق “لافروف كيري”، الذي بقي طي الكتمان حتى ظهر مسار أستانا بعده، مما يرجّح أن يكون أبرز مخرجات الاتفاق، والذي وضعت فيه الدول الثلاث روسيا وإيـ.ـران من جهة النظام السوري وتركيا من جهة المعـ.ـارضة لتؤمّن وصول سوريا إلى الشكل الذي وصلنا فيه اليوم من نتائج كارثية على الشعب السوري.
ويؤكد “قيراطة” بأن إيران وتركيا وروسيا يعملون بسوريا كلٌ وفق مصالحه ومطامعه التاريخية والطائفية،
ولا سيما روسيا التي تسعى منذ أيام تقسيمات “سايكس بيكو” إلى الوصول إلى مياه المتوسط ووجدت النافذة السورية لأجل ذلك.
اتفاق جديد قادم
يوضّح الباحث والخبير السياسي والعسكري بأن تركيا تتجه للاتفاق مع روسيا على مستقبل تواجدها في سوريا مع مراعاة مصالحها وأمنها القومي بالدرجة الأولى.
ويقول: اللواء علي مملوك هو صندوق النظام السوري الأسود، وقد كان دائم الحركة حتى مع دول ادعت أنها تحارب وتقاطع النظام السوري،
وأعتقد أن اللقاء القادم مع نظيره التركي هو أمني بامتياز، وأرى بأن هناك مقايضة قادمة بمنطقة خفض التصعـ.ـيد الرابعة،
وأجزم بأن النظام السوري اتخذ قراراً مع روسيا وإيران للنظر إلى إدلب بعد انتهاء ملف درعا وفق ما آلت إليه الأمور هناك.
ويضيف: ونذكر بالسياق بأن اتفاق أردوغان وبوتين قبل نحو عام ونصف كان على أساس وقف إطلاق النار في إدلب، إلا أنّ ذلك لم يحصل، بينما الذي جرى هو تعديل التكتيك، فاتجه النظام السوري إلى تكتيك “اقضم وأهضم” بدلاً من عـ.ـملية عسـ.ـكرية واسعة هناك، ثم اتجه التكتيك بجزئه الثاني إلى عمـ.ـليات جوية ومدفعية، وبالتالي فإن القادم هو اتفاق جديد ستسلم فيه تركيا أجزاء واسعة من إدلب مقابل التمدد إلى مناطق تحت نفوذ قوات قسد.
أين الأمريكي من الاتفاق؟
تعتبر واشنطن عاصمة القرار السياسي في العالم، ولا يمكن لدول الشرق الأوسط الاستغناء عنها حتى لو غابت ظاهرياً ببعض الملفات، ولكن أين هي من اتفاقيات تركيا وروسيا بسوريا؟
يقول “صلاح قيراطة”: اعتقد بأن تركيا ككيان سياسي، أمريكية الهوى، بينما تقارباتها هنا وهناك ولا سيما مع الروسي فهي تكتيك لا يرتقي أن يكون ذو أبعاد استراتيجية.
ويضيف: لا اعتقد أن لقاء أردوغان وبوتين هو تقارب تركي روسي مضاد للأمريكي، إلا أنّ اللقاء سيتناول بالتأكيد الاتفاق حول إدلب،
ولن يخرج الأمر مما يدور بصيغة أستانا التي يشارك فيها الطرفين، والتي لم تنتج لنا سوى تقسيم البلاد.
ويتابع: الاقتراب التركي الروسي هو تكتيكي تماماً، فليس بالضرورة أن تكون القوة دائماً عسكرية حيث أن الجانب الاقتصادي مهم أيضاً،
وأؤكد أنّ تركيا لا تستطيع مواجهة أمريكا، فعلى سبيل المثال عندما غضبت أمريكا من صفقة الـs400
لم تقم تركيا بنصب البطاريات الروسية رغم شرائها منذ سنوات، ومن المستحيل أن يكون الروسي بديل للأمريكي في تركيا،
وأن حاول أردوغان أن يتحرك فردياً فأني أتوقع انقـ.ـلاباً ناجحاً هذه المرّة.
العين على إدلب.. فما الاتفاق؟
التحركات العسـ.ـكرية والسياسية تؤكد وجود عملية قادمة في منطقة إدلب قد تشمل ريفها الجنوبي، بالوقت الذي يتحرك التركي وفصائله نحو قـ.ـوات قسد شرقاً، فما الصفقة؟
يقول الدكتور “صلاح قيراطة”: اتوقع عملية عسـ.ـكرية قادمة لا محالة في إدلب، ومن سيحاول إفشال ما يتم التوصل إليه من اتفاقيات سيلقى به في مناطق سيطرة تركيا شمالاً، ورغم أن الأمر ذو منحى عسـ.ـكري ومعـ.ـركة تتمخض عن اجتياح برّي إلا أنّ ذلك لن يحدث إلا بتوافق ومقايضة والإنجاز في غرفة التركي والروسي وليس من يقـ.ـاتل على الأرض، وبعد إنجاز الحمـ.ـلة العسـ.ـكرية سيعقبها حصـ.ـار مر على إدلب.
ويؤكد قيراطة بأن الملف لن يبتعد الأمر في نهاية المطاف عن المقايضات والمساومات التركية حتى على المناطق التي يسيطر عليها شمالاً.
ويضيف: هنا نتذكر اتفاق أضنة الذي يسمح لهم التوغل 5 كيلومتر وهو ما يمكن أن يتفق عليه مع النظام السوري وحلفائه بأن يغرس التركي فيها بعض من قواته لضمان أمنه القومي وتعود باقي المناطق لسُلطة النظام السوري، لأن الأتراك يجددون التأكيد على وحدة الأراضي السورية وهو ما يعني التخلي عن فكرة سلخ جزء منها لأن لن يكون مقبول دولياً.
في النهاية فإن المصادر المتعددة أكدت وجود لقاء بين أسياد المخابرات التركية والسورية في بغداد قبل نهاية الشهر الجاري،
رغم النفي الرسمي الذي لا يعدو كونه نوع من المناورة، بينما الصفقات التي ملامحها تكاد تنكشف تؤكدها المصادر المتعددة بمن فيهم الدكتور صلاح قيراطة، حيث أن معركة إدلب باتت على الأبواب مقابل نظيرتها شرق الفرات وهي جزء من الصفقة الكبيرة التي عرّابها أمريكي ببيادق تركية روسية.
مرايا
تعليقات
إرسال تعليق